أحدكم بإبل فأراد أن يشرب من ألبانها فليناد: يا صاحب الإبل -أو يا راعي الإبل- فإن أجابه وإلا فليشرب، والضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فهو صدقة".
فإن قيل: ما حكم هذا الحديث؟
قلت: صحيح، ولهذا أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (?) من طريق يزيد بن هارون، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.
فإن قيل: قد أخرج البيهقي (?) هذا الحديث من حديث يزيد بن هارون، ثم علله بأن يزيد روى عن الجريري بعد اختلاطه، ثم قال: رواه حماد بن سلمة، عن الجريري، وليس بالقوي.
قلت: قال الذهبي في "مختصره سنن البيهقي": هذا قلة إنصاف، حماد ثقة ومع هذا فما تفرد بالحديث فصح أن الجريري رواه في صحته وبانضمام هذا إلى ما قبله يصير سنة ثابتة.
قلت: حماد بن سلمة أخرج له مسلم، وذكره أبو الوليد الباجي في "رجال البخاري" وقال العجلي: روى عن الجريري في الاختلاط: يزيد بن هارون وابن المبارك وابن عدي، كل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو مختلط، وإنما الصحيح: حماد بن سلمة وابن علية وعبد الأعلى، من أصحهم سماعًا منه.
قوله: "من غير أن يفسد" أراد أنه لا يأكل أكثر من سَدِّ جوعته، ولا يحمل منه شيئًا غير أكله، ولا يعطي الإنسان.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا، فجعلوا لمن مر بحائط أن ينادي صاحبه ثلاثًا، فإن أجابه، وإلا فأكل وكذلك في الغنم.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الحسن البصري، وزيد بن وهب الجهني، وأحمد -في رواية- فإنهم قالوا: من مَرَّ ببستان، ينادي صاحبه ثلاثًا، فإن أجابه وإلا فأكل وكذا