قوله: "الفطرة" أراد بها السنة، يعني أن هذه الخصال العشرة من خصال الأنبياء -عليه السلام- التي أُمرنا أن نقتدي بهم فيها، ثم قوله: "الفطرة عشرة" لا يدل على الحصر، وكذا قوله في رواية أبي هريرة: "الفطرة خمس" لأن السنن كثيرة، من جملتها هذه العشرة، غاية ما في الباب أن هذه الخصال العشر التي هي الفطرة هي فطرة الأنبياء -عليه السلام- الذين أمرنا أن نقتدي بهم، لقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (?) وأول من أُمر بها إبراهيم -عليه السلام- وذلك قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} (?) قال ابن عباس: أمره بعشر خصال ثم عدهن فلما فعلهن قال: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (2) ليقتدى بك، وقد أُمرت هذه الأمة بمتابعته خصوصًا؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} (?).
ويقال أيضًا: كانت عليه فرضًا وهي لنا سنة.
قوله: "فذكر قص الشارب" القص من قصصت الشعر قطعته، ومنه طير مقصوص الجناح، ويستحب في القص أن يبدأ بالجانب الأيمن، وهو مخير بين القص بنفسه، وبين أن يولي ذلك غيره؛ لحصول المقصود، بخلاف الإبط والعانة.
وأما حد ما يقصه: فالمختار أن يقص حتى تبدو أطراف الشفة ولا يحفه من أصله، وأما روايات: "أحفوا الشوارب" فمعناه أحفوا ما طال على الشفتين.
وذكر أصحابنا أنه يقطع إلى أن يبقى قدر حاجبه، وسيجيء مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
ص: حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا وكيع، عن زكريا، عن مصعب ابن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنه -، عن رسول الله -عليه السلام- مثله.