البدنة والبقرة أحرى أن تكونا كذلك وأن تكونا تجزيان عن غير واحد لا وقت في ذلك ولا عدد.

ثم قد روينا عن النبي -عليه السلام- ما قد دل على خلاف ذلك قد ذكرناه في هذا الباب الذي قبل هذا من نحر أصحابه معه الجزور عن سبعة والبقرة عن سبعة وكان ذلك عند أصحابه على التوقيف منه لهم على أن البقرة والبدنة لا تجزئ واحدة منهما عن أكثر مما ذبحت عنه يومئذ.

ش: أراد بأهل هذا القول: أهل المقالة الثانية وأهل المقالة الأولى الذين ذكرهما بقوله: "وافترق أهل هذه المقالة على فرقتين" وأراد بالفرقة التي تخالف هؤلاء جميعًا: سفيان الثوري والنخعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وزفر، وأشار بقوله: "وهؤلاء جميعًا" إلى الفرقتين المذكورتين.

قوله: "تقول" أي الفرقة التي تخالف هؤلاء، إن الشاة لا تجزئ أن يضحى بها إلا عن شخص واحد.

قوله: "وتذهب" عطف على قوله: "تقول" وأشار بذلك إلى الجواب عما احتجت به الفرقتان المذكورتان فيما ذهبتا إليه، بيان ذلك: أن ما ذهب [إليه] (?) هؤلاء إما منسوخ وإما مخصوص.

أما النسخ فبحديث جابر -رضي الله عنه-: "نحرنا مع رسول الله -عليه السلام- البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة" وقد أخرجه في الباب الذي قبله وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- عرفوا بذلك أن البدنة لا تجزئ عن أكثر من سبعة وأن البقرة لا تجزئ أيضًا عن أكثر من سبعة لأن هذا أمر توقيفي ولا مجال للقياس فيه، فصار هذا ناسخًا لما روي من تضحيتهم سبعين بدنة عام الحديبية، وكان الناس يومئذ سبع مائة رجل.

وأما التخصيص فظاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015