يمنع أن يضحى به إذا قطع بكماله فقطع بعضه، فإن أصحابنا مختلفون في ذلك فأما أبو حنيفة فروي عنه: أن المقطوع من ذلك إذا كان ربع ذلك العضو فصاعدًا لم يضح بما قطع ذلك منه، وإن كان أقل من الربع ضحى به.
وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان المقطوع من ذلك هو النصف فصاعدًا فلا يضحى بما قطع ذلك منه وإن كان أقل من النصف فلا بأس أن يضحى به. إلا أن أبا يوسف ذكر هذا القول لأبي حنيفة، فقال له: قولي مثل قولك، فثبت بذلك رجوع أبي حنيفة عن قوله الذي قد كان قاله إلى ما حدثه [به] (?) أبو يوسف وقد وافق ذلك من قولهم ما روينا عن سعيد بن المسيب في هذا الباب في تفسير العضباء التي قد نهي عن الأضحية بها وأنها المقطوع نصف أذنها، وكل ما كان من هذا لا يكون أضحية لما قد نقص منه فإنه لا يكون هديا.
ش: هذا جواب عن حديث أبي سعيد الخدري الذي هو من جملة ما احتج به أهل المقالة الأولى، تقريره: أن هذا لا يصلح للاحتجاج لأنه فاسد من جهة الإسناد ومن جهة المتن.
أما من جهة الإسناد فلأن راويه عن أبي سعيد هو محمد بن قرظة وقد بين شعبة بن الحجاج في روايته هذا الحديث أنه لم يسمع هذا الحديث عن أبي سعيد ففسد بهذا إسناد الحديث.
قلت: وقد أفسد ابن حزم إسناد هذا الحديث من جهة أخرى وهو من جهة جابر بن يزيد الجعفي فقال فيه: إنه كذاب.
وأما من جهة المتن: فلأنه قال في رواية شعبة: "فأكل الذئب ذنبه أو بعض ذنبه" بالشك فإن كان الصحيح أن المقطوع هو البعض فيجوز أن يكون ذلك أقل من ربعه، وذلك لا يمنع أن يضحى به في قول أحدٍ من الفريقين وغيرهم، وإن كان الصحيح كما رواه محمد بن قرظة في رواية إبراهيم بن محمد الصيرفي الذي مضى ذكره عند