و"الخير" مرفوع بقوله: "معقود"؛ لأن اسم المفعول يعمل عمل فعله.
و"النواصي": جمع ناصية، وإنما خص النواصي بالذكر؛ لأن العرب تقول غالبًا: فلان مبارك الناصية، فيكنى به عن الإنسان.
وقوله: "الخيل في نواصيها الخير" لفظة عامة، والمراد بها الخصوص؛ لأنه لم يُرد به إلا بعض الخيل، بدليل قوله: "الخيل لثلاثة" فبيَّن أنه أراد الخيل الغازية في سبيل الله لا أنها على كل وجوهها. ذكره ابن المنذر.
ويقال: الخير هنا المال؛ قال الله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} (?) أي مالاً، وقال المفسرون في قوله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} (?) أنه أراد به الخيل.
وقال أبو عمر بن عبد البر: وفي قوله -عليه السلام-: "الخيل معقود في نواصيها الخير" وقوله: "البركة في نواصي الخيل" ما يعارض رواية من روى "الشؤم في المرأة والدار الفرس" (?) ويعضد رواية من روى: "لا شؤم وقد يكون اليُمن في الفرس والدار والمرأة" (?).
وقال أيضًا: وفي هذا الحديث النص على اكتساب الخيل وتفضيلها على سائر الدواب؛ لأنه -عليه السلام- لم يأت عنه في غيرها من الدواب مثل هذا القول، وذلك تعظيم منه لشأنها، وحضٌّ على اكتسابها، وندب إلى ارتباطها في سبيل الله للقاء العدو، وهي أقوى الآلات في جهاده، فهذه الخيل المعدة للجهاد وهي التي في نواصيها الخير.
وأما إذا كانت معدة للفتن وقتال المسلمين وسلبهم وتفريق جمعهم وتشريدهم عن أوطانهم فتلك خيل الشيطان وأربابها حزبه، وفي مثلها -والله أعلم- ورد أن