وروى له أبو داود (?) الحديث المذكور: ثنا محبوب بن موسى أبو صالح، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن كليب بن وائل، عن هانئ بن قيس، عن حبيب بن أبي مليكة، عن ابن عمر قال: "إن رسول الله -عليه السلام- قام -يعني يوم بدر- فقال: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، وإني أبايع له، فضرب [له] (?) رسول الله -عليه السلام- بسهم ولم يضرب لأحد غاب غيره".
وجه الاستدلال به ظاهر؛ قد بينه الطحاوي مبسوطًا.
فإن قيل: استدلالكم بهذا الحديث لا يصح؛ لأنه خاص بعثمان -رضي الله عنه-؛ لأنه كان يُمرض ابنة رسول الله -عليه السلام-، وهو معنى قوله: "حاجة الله وحاجة رسوله"، يريد بذلك حاجة عثمان في حق الله وحق رسوله.
قال الخطابي: ومن احتج بهذا لمن لحق الجيش قبل القسم فهو غير مصيب؛ وذلك أن عثمان -رضي الله عنه- كان بالمدينة وهو القائل: "لا يقسم لمن كان في المصر" فلا موضع لاستدلاله.
قلت: لا نُسلِّم دعوى الخصوصية؛ لأنه -عليه السلام- ضرب بسهم لغير عثمان أيضًا ممن كان في معنى غيبة عثمان وهم: طلحة بن عبيد الله وكان بالشام فضرب له النبي -عليه السلام- بسهمه، والحارث بن حاطب رجعه النبي -عليه السلام- إلى المدينة وضرب له بسهمه، وعاصم بن عدي كذلك، وخوات بن جبير ضرب له رسول الله -عليه السلام-، بسهمه والحارث بن الصُّمة كُسِر بالروجاء فضرب له النبي -عليه السلام- وسعيد بن زيد قدم من الشام بعدما رجع النبي -عليه السلام- إلى المدينة فضرب له النبي -عليه السلام- بسهمه.
فإذا تأملت كلام الطحاوي في قوله: "أفلا ترى. . ." إلى آخره، يظهر لك منه تمام الجواب عن هذا السؤال.
ص: وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فإنما ذلك عندنا -والله أعلم- على أن النبي -عليه السلام- وجَّه أبان إلى نجد قبل أن يتهيأ خروجه إلى خيبر فتوجه أبان في ذلك،