وأبو نضرة -بفتح النون وسكون الضاد المعجمة- واسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبدي ثم العَوَقي -بفتح العين والواو، وفي آخره قاف- روى له الجماعة؛ البخاري مستشهدا.
والحديث أخرجه ابن ماجه (?) أيضًا وقال: ثنا أحمد بن [سنان] (?) نا يزيد بن هارون، نا شريك، عن طريف بن شهاب، قال: سمعت أبا نضرة يحدّث عن جابر - رضي الله عنه - قال: "انتهينا إلى غدير فإذا فيه جيفة حمار، قال: فكففنا عنه حتى انتهى إلينا رسول الله - عليه السلام - فقال: إنَّ الماء لا ينجسه شيء. فاستقينا، وأروينا، وحملنا".
قوله: "فانتهينا إلي غدير" أي بلغنا إليها، والغدير على وزن فعيل بمعنى مفاعل من غادره، أو بمعنى مفعل من أغدره، وقيل: فعيل بمعنى فاعل؛ لأنه يغدر بأهله لانقطاعه عند شدة الحاجة إليه، وهو القطعة من الماء يغادره السيل.
قوله: "وفيه جيفة" جملة اسمية وقعت حالًا عن الغدير.
قوله: "فكففنا" من كفّ إذا امتنع، يتعدى ولا يتعدى.
قوله: "وارتوينا" بمعنى رَوَيْنَا وكذلك تَروّينا، يقال رَوِيت من الماء -بالكسر- أَرْوي رَيّا ورِيّا ورِوي -مثل رضي- وارتويت وتروّيت كله بمعنى.
والمراد من الغدير هَا هنا هو الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر، والمراد من الاستقاء هو الاستقاء من الجانب الذي لا يصل إليه أثر الجيفة وذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر أحدا إلَّا باستعمال ماء طاهر.
ص: فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا: لا ينجسّ الماء شيء وقع فيه إلَّا أن يُغيّر لونه أو طعمه أو ريحه فأي ذلك إذا كان فقد نجس الماء.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي والليث بن سعد ومالكا وعبد الله بن وهب وإسماعيل بن إسحاق ومحمد بن بكير والحسن بن صالح وداود بن علي ومن