ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام السير، وهو جمع سيرة وهي الطريقة، ومنه: سيرة العمرين أي طريقتهما؛ وسمي هذا الكتاب بهذا؛ لأنه يجمع سير النبي -عليه السلام- وطرقه في مغازيه وسير أصحابه وما نقل عنهم في ذلك وبعضهم ذكروه بكتاب الجهاد، والجهاد: بذل الطاقة وتحمل المشقة.
...
ش: أي هذا باب في بيان أن الإمام إذا قصد قتال قوم من الأعداء هل يجب عليه أن يدعوهم إلى الإسلام ثم إلى الجزية إن كانوا من أهلها قبل اشتغاله بقتالهم أم لا؟
والمراد من الإمام هو الإِمام الأعظم وهو الخليفة، أو نائبه وهو السلطان، أو نائب نائبه وهو أمير بلدة أو ناحية.
ص: حدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا سفيان بن سعيد، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّرَ رجلاً على سرية قال له: إذا لقيت عدوَّك من المشركين فادعهم إلي إحدى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن أجابوك إليها فأقبل منهم وكُفَّ عنهم: ادعهم إلى الإِسلام فإن أجابوك فأقبل منهم وكُفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ولهم ما لهم، فإن أبوا فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين فلا يكون لهم من الفيء والغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.
فإن هم أبوا أن يدخلوا في الإِسلام فسلهم عن إعطاء الجزية، فإن فعلوا فأقبل منهم وكُفَّ عنهم، وإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.