قوله: "ومنهم من يقول" أراد بهم: سعيد بن المسيب والأوزاعي والشافعي ومالكًا في رواية وأحمد، وقال مالك في "الموطأ" (?): لا بأس أن يشترى الثوب من الكتان أو الشطوي أو القصبي بالأثواب من الإتريبي أو القسي أو الزيقة أو الثوب الهروي أو المروي بالملاحف اليمانية والشقائق وما أشبه ذلك، الواحد بالاثنين أو الثلاثة، من صنف واحد، فإن دخل ذلك نسيئةً فلا خير فيه.
وقال ابن زرقون في "شرحه": أصل ذلك أن ما اختلف جنسه من الثياب يجوز بيعه بما خالفه من جنسه إلى أجل، ولا يجوز ذلك فيما كان من جنسه، وإنما يختلف جنسها بالرقة والغلظ؛ لأنها المنفعة المقصودة منها، فلا بأس برقيق ثياب الكتان وهو الشطوي والقصبي والزيقة والمريسية إلى أجل.
وكذلك القطن رقيقه وهو المروي والهروي والقوهي والعدني جنس مخالف لغليظه وهي الشقائق والملاحف اليمانية الغلاظ.
وفي "الواضحة": ثياب القطن صنف واحد وإن اختلفت جودتها وأثمانها وبلدانها، وكانت هذه عمائم وهذه أردية وشقق إلا ما كان من وشي القطن الصنعاني والصعيدي القصب والحَبَرة والمشطب والمسير وشبهه فلا بأس به ببياض ثياب القطن متفاضلاً إلى أجل، وكذلك ثياب القصب بثياب القطن لاختلاف المنافع والجمال، وما اختلف أيضًا في الرداءة والجودة والرقة والغلظ فتباين في نفسه وجماله جاز فيهما التفاضل إلي أجل.
وكذلك ثياب الكتان صنف واحد إلا أن تتباين بالرقة والغلظ والرداءة والجودة فيجوز فيهما التفاضل إلى أجل.
وقال الشافعي: لا ربا إلا في المأكول والمشروب والذهب والفضة، وهو قول ابن المسيب والأوزاعي.
وقال أحمد: ما لا يكال ولا يوزن يجوز فيه التفاضل ولا يجوز نسيئة.