ويعضد هذا قوله آخر الحديث: "خذ جملك ودراهمك" ورواية من قال: "مائتي درهم"؛ لأنه خمس أواقي أو يكون هذا كله زيادة على الأوقية كما قال: "فما زال يزيدني".
وأما ذكر الأربعة الدنانير فموافقة لأوقية؛ إذ قد يحتمل أن يكون وزن أوقية الذهب حينئذ وزن أربعة دنانر كبار؛ لأن دنانيرهم كانت مختلفة وكذلك دراهمهم على ما مرَّ بيانه في الزكاة، ولأن أوقية الذهب غير محققة الوزن بخلاف الفضة، أو يكون المراد بذلك أنها صرفت أربعين درهمًا، فأربعة دنانير موافقة للأوقية الفضة؛ إذ هي صرفها.
ثم قال: "أوقية ذهب"؛ لأنه أخذ عن الأوقية عدلها من الذهب الدنانير المذكورة، أو يكون ذكر الأربعة دنانير في ابتداء المماكسة، وانعقد البيع بأوقية.
وأما قوله: "أوقيتان" فيحتمل أن الواحدة هي التي وقع بها البيع، والثانية زاده إياها، ألا تراه كيف قال في الرواية الأخرى: "فزادني أوقية"؟ وذكره الدرهم والدرهمين مطابق لقوله: "وزادني قيراطًا" في بعض الروايات يحتمل أنه أرجح له في كل (?) دينار قيراطًا، وأنها الزيادة التى زاده أولاً، فذكر مرة قيراطًا، وشك في هذه الرواية في مقدار الزيادة، إذ صرف قيراط الذهب على ما كان قبل: درهم ونحوه، لأن دنانيرهم كان بعضها من عشرة قراريط، وبعضها من عشرين قيراطًا، فوجه بناء هذه الروايات -المختلف ظاهرها- والجمع بينها وترتيب منازلها: أنه -عليه السلام- أولاً أعطاه أربعة دنانير حين ساومه به، ولم ينعقد البيع بذلك ولا أمضاه جابر -رضي الله عنه-، وإنما أمضاه له بأوقية ذهب، ألا تراه إنما قال له: "قد أخذته منك بأربعة دنانير"؟ ولم يزد في هذا الحديث على ذلك، وفي الحديث أنه ماكسه في البيع ثم أمضاه له بأوقية ذهب، وبها أنعقد البيع كما بينه في حديث سالم بن أبي الجعد، وهذا يضعف تأويل البخاري: أن الأوقية دراهم لتوافق أربعة دنانير،