حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب النبي -عليه السلام-، عن النبي -عليه السلام-: "أنه نهى أن يبيع حاضر لباد".
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن صالح مولى التوأمة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: "نهى رسول الله -عليه السلام- أن يشتري حاضر لباد".
فنظرنا في العلة التي نُهي الحاضر أن يبيع للباد ما هي؟
فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزبير، قال: سمعت جابرًا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض".
حدثنا فهد، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا وهيب، عن عطاء، عن حكيم بن أبي يزيد، أنه جاءه في حاجة قال: فحدثني عن أبيه، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "دعوا الناس فليصب بعضهم من بعض، وإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له".
فعلمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى الحاضر أن يبيع للباد؛ لأن الحاضر يعلم أسعار الأسواق، فيستقصي على الحاضرين فلا يكون لهم في ذلك ربح، وإذا باعهم الأعرابي على غرته وجهله بأسعار الأسواق ربح عليه الحاضرون، فأمر النبي -عليه السلام- أن يخلى بين الحاضرين وبين الأعراب في البيوع ومنع الحاضرين أن يدخلوا عليهم، فإذا كان ما وصفنا كذلك وثبت إباحة التلقي الذي لا ضرر فيه بما وصفنا من الآثار التي ذكرنا؛ صار شراء المتلقي منهم شراء حاضر من باد، فهو داخل في قول النبي -عليه السلام-: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" وبطل أن يكون في ذلك خيار البائع؛ لأنه لو كان له فيه خيار إذًا لما كان للمشتري في ذلك ربح، ولا أمر النبي -عليه السلام- حاضرًا أن يعترض، ولا أن يتولى البيع للباد منه لأنه يكون بالخيار في