فيه الحال فإن كان المخاطب خالي الذهن يُستغنى عن المؤكِّد، وإنْ كان متصورًا لطرفي الخبر مترددًا فيه حسن تقويته بمؤكد، وإنْ كان منكرًا للحكم وجب توكيده بحسب الإنكار، والألف واللام في "إنَّ الماء" للعهد أي ماء بئر بضاعة ولا يصح أن يكون للاستغراق؛ لأنه يلزم أن يكون كل فرد من أفراد الماء طاهرًا وليس كذلك، ولئن سُلِّم أنه للاستغراق ولكنه مخصوص بوجهين:

الأول: مجمع عليه، وهو المتغير بالنجاسة.

والثاني: مختلف فيه، وهو إذا كان دون القلتين كما قال به الشافعي وأحمد، وسيأتي كيفية استنباط الحكم بهذا الحديث في اختلاف العلماء، ولما أخرج الترمذي [1/ق 5 - ب]، هذا الحديث قال: وفي الباب عن ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم -.

أما حديث ابن عباس فأخرجه أبو يعلى (?) بإسناد صحيح عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء لا ينجسه شيء".

وأما حديث عائشة فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (?): حدثنا أحمد، ثنا أبو الربيع عبيد الله بن محمَّد الحارثي، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الماء لا ينجسه شيء" لم يروه عن المقدام إلَّا شريك، ورواه البزار (?): عن عمر بن علي، عن أبي أحمد.

ص: حدثنا إبراهيم بن أبي داود سليمان بن داود الأسدي، قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبى، قال: حدثنا محمَّد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "قيل: يا رسول الله، إنَّه يُستقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر تطرح فيها عذرة الناس ومحائض النساء ولحوم الكلاب. فقال: إنَّ الماء طهور لا ينجسه شيء".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015