وذِكره أشهى إلي من الرحيق السَّلسَلِ (?)
قوله: "فلا عليكم ألَّا تعزلوا" أي فلا عليكم ترك العزل. وهذا يفهم منه إباحة العزل، وفهم منه الحسن البصري وابن سيرين النهي، فقال الحسن: فكأن هذا زجرٌ، وقال ابن سيرين: هو أقرب إلى النهي، وقال القرطبي: فهمت طائفة من هذا التركيب النهي والزجر عن العزل، كما حكي عن الحسن وابن سيرين، فكأنهم فهموا من "لا" النهي عما سأل عنه، وحذف بعد قوله: "لا"، فكأنه قال: لا تعزلوا، وعليكم ألَّا تفعلوا، تأكيدًا لذلك النهي.
وفهمت طائفة أخرى منها الإِباحة، كأنها جعلت [جواب] (?) السؤال: قوله: "لا عليكم ألَّا تعزلوا" أي ليس عليكم جناح في ألَّا تعزلوا. قال: وهذا التأويل أولى، بدليل قوله: "ما مِنْ نسمةٍ كائنة إلاَّ وستكون"، وبقوله: "افعلوا أو لا تفعلوا فإنما هو القدر"، وبقوله: "إذا أراد الله -عز وجل- خلق شيء لم يمنعه شيء". وهذه الألفاظ كلها مصرِّحه بأن العزل لا يرد القدر، ولا يضر، فكأنه قال: لا بأس به.
قلت: الذي [قالته] (?) الطائفة الأولى ليس معنى التركيب، بل فيه تعسف على ما [قالته] (?) الطائفة الثانية، فلذلك وضعه الطحاوي ها هنا. فافهم.
الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد -بالنون- عن أبيه عبد الله بن ذكوان، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة- بن منقذ الأنصاري المدني، عن عبد الله بن محيريز بن جنادة المكي، عن أبي سعيد.