ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام النكاح وأنواعه، ولما فرغ عن العبادات الأربعة: الصلاة والزكاة والصوم والحج، التي تعني أركان الإِسلام وأسس الدين؛ شرع في بيان النكاح الذي هو أيضًا من جملة العبادات، ولما كان مشتملًا على مصالح دنياوية أيضًا أخره عن العبادات المحضة، وقدمه على غيره لشدة اتصاله بالعبادات المحضة بخلاف غيره، ثم للنكاح تفسير لغة وشرعًا، وركن وشرط، وحُكم وحِكَم.
أما تفسيره لغة: فهو الجمع، يقال: أنكحنا الفَرَا فسنرى، أي جمعنا بين الحمار الوحشي وبين أنثاه، سننظر ما يحدث بينهما، قال الجوهري: النكاح: الوطء، وقد يكون العقد، تقول: نكحتها، ونكحت هي: أي تزوجت، وقال الأزهري: أصل النكاح في كلام العرب: الوطء. وقيل للتزويج: نكاح؛ لأنه سبب الوطء. وقال الزجاجي: هو في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعًا، وفي "المعرب": وقولهم النكاح: الضم مجاز، وفي "المغيث": النكاح التزويج، وقال القرطبي: اشتهر إطلاقه على العقد. وحقيقته عند الفقهاء على ثلاثة أوجه، حكاها القاضي حسين:
أصحها: أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء وهذا هو الذي صححه أبو الطيب وبه قطع المتولي وغيره.
الثاني: أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وبه قال أبو حنيفة.
والثالث: أنه حقيقة فيهما بالاشتراك.
وأما تفسيره شرعًا: فهو عقد يوجب حل البضع قصدًا.
وأما ركنه: فهو الإِيجاب والقبول.