وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (?) والحرم كله محله عند أهل العلم، والحديبية موضع منه ما هو في الحل ومنه ما هو في الحرم، وإنما نحر الهدي عندنا في الحل، وفيه مسجد رسول الله -عليه السلام- الذي بويع فيه تحت الشجرة، فأنزل الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (?) وقال في قوله: {تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (?) محله -والله أعلم- هَا هنا بيّنه أن يكون إذا أحصر نحر حيث أحصر، ومحله من غير الإِحصار الحرم، وهو كلام عربي واسع.
قلت: فإذا كانت الحديبية بعضها في الحرم كيف يجوز أن يترك هذا الموضع وينحر في الحل؟ والحال أن بلوغ الكعبة صفة للهدي في قوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (?) وحديث ناجية بن جندب الذي ذكره أيضًا وقد قال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?): ثنا أبو أسامة، عن أبي العميس، عن عطاء قال: "كان منزل النبي -عليه السلام- يوم الحديبية في الحرم".
فإذا كان منزل النبي -عليه السلام- الحرم، كيف ينحر هديه في الحل؟ وهذا محال، وفي "الاستذكار": قال عطاء وابن إسحاق: لم ينحر -عليه السلام- هديه يوم الحديبية إلاَّ في الحرم".
ص: وقد احتج قوم في تجويز نحر الهدي في غير الحرم بما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن يعقوب بن خالد، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال: "خرجت مع عثمان وعلي -رضي الله عنهما- فاشتكى