وأراد به طواف الزيارة، ويسمى أيضًا طواف الإِفاضة.
وكذلك ما رواه ابن عمر: "أن رسول -عليه السلام- أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى" رواه مسلم (?).
وروى مسلم (?) أيضًا: عن عبد العزيز بن رفيع، قال: "سألت أنس بن مالك قلت: أخبرني بشيء عقلته عن رسول الله -عليه السلام- أين صلى الظهر يوم التروية؟ قال: بمنى.
وأجبت بأن التوفيق بين هذه الأحاديث هو أن يقال: إنه صلى الظهر بمكة، ثم رجع إلى منى فوجد الناس ينتظرونه، فصلى بهم.
ولكن هذا مشكل على مذهب أبي حنيفة.
فإن قيل: الإِشكال باقٍ بين هذه الأحاديث؛ لأن حديث عائشة وابن عباس يخبر أنه -عليه السلام- أخَّر طواف الزيارة إلى الليل، وحديث جابر يخبر أنه طاف قبل صلاة الظهر، وكذلك حديث ابن عمر وأنس.
قلت: يحمل حديث عائشة وابن عباس على أنه أخَّر ذلك إلى ما بعد الزوال فكأن معناه: أخَّر النبي -عليه السلام- طواف الزيارة إلى العشي، وأما الحمل على ما بعد الغروب فبعيد جدًّا ومخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة المشهورة من أنه -عليه السلام- طاف يوم النحر نهارًا وشرب من سقاية زمزم.
فإن قيل: روى أحمد في "مسنده" (?): عن عائشة وابن عمر -رضي الله عنهم-: "أن رسول الله -عليه السلام- زار ليلاً".
قلت: الظاهر أن المراد منه طواف الوداع، أو طواف زيارة محضة.