قال أبو جعفر -رحمه الله-: فسقط عنهم الوقوف بمزدلفة للعذر، ورأينا عرفة لا بد من الوقوف بها لا يسقط ذلك لعذر، فما سقط بالعذر فهو الذي ليس من صلب الحج، وما لا بد منه فلا يسقط بعذر ولا بغيره؛ فهو الذي من صلب الحج، ألا ترى أن طواف الزيارة هو من صلب الحج وأنه لا يسقط عن الحائض بالعذر، وأن طواف الصدر ليس من صلب الحج وهو يسقط عن الحائض بالعذر -وهو الحيض- فلما كان الوقوف بمزدلفة مما يسقط بالعذر كان من شكل ما ليس بفرض، فثبت بذلك ما وصفناه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أي: وأما وجه الوقوف بمزدلفة من طريق النظر والقياس فهو: أن الخصوم كلهم اتفقوا على أن الضعفة لهم التعجل من مزدلفة من الليل بدون الوقوف لأجل العذر.

واتفقوا أن الوقوف بعرفة لا يسقط بعذر ولا بغير عذر، فالذي يسقط بعذر لا يكون من صلب الحج، فالنظر على ذلك يقتضي أن يكون الوقوف بمزدلفة من أشكال ما ليس بفرض، فإذا كان من هذا القبيل يكون غير فرض.

قوله: "للضعفة" جمع ضعيف، كالنساء والصبيان وأصحاب الأعذار.

قوله: "وكذلك أمر رسول الله -عليه السلام- أغيلمة بني عبد المطلب". أراد أنه -عليه السلام- أمرهم بالتعجيل من جمع، على ما يأتي في الباب الذي بعد الباب الذي يليه.

والأغيلمة تصغير أغلمة، والأغلمة جمع غلام على ما نبينه مستقصى إن شاء الله تعالى.

وأخرجه بإسناد صحيح، عن محمد بن خزيمة، عن حجاج بن المنهال شيخ البخاري، عن حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- عن عائشة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015