وأما الذي روي عن ابن عمر: فأخرجه ابن حزم في "المحلى" (?): من طريق حماد بن سلمة، عن كلثوم بن جبر: "أن امرأة صحبت ابن عمر في سفر، فوضع الطعام فقال لها: كلي. قالت: إني صائمة، قال: لا تصحبينا".
وأما الذي روي عن عبد الرحمن بن عوف: فأخرجه ابن حزم (?) أيضًا: من طريق أبي معاوية، ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر".
ثم قال: هذا إسناد في غاية الصحة.
وأما الذي روي عن ابن عباس: فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?): ثنا أبو داود الطيالسي، عن عمران القطان، عن عمار مولى بني هاشم، ابن عباس: "أنه سئل عن رجل صام رمضان في سفر، فقال: لا يجزئه".
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، ولم يفضلوا في ذلك فطرًا على صوم ولا صومًا على فطر.
ش: أي: خالف الفريقين المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عبد الله بن المبارك والثوري ومالك بن أنس وسليمان الأعمش والشافعي في رواية البعض عنه؛ فإنهم قالوا: المسافر في رمضان مخيرَّ بين الصوم والإفطار ولا يفضل أحدهما على الآخر، ويروى ذلك عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وعائشة وأصحاب ابن مسعود - رضي الله عنهم -.
ص: وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من قول النبي - عليه السلام -: "ليس من البر الصيام في السفر": أنه قد يحتمل غير ما حملوه عليه؛ يحتمل ليس من البر الذي هو أبَرُّ البر وأعلى مراتب البر الصوم في