شاء فعل، إلا أن المشهور عن ابن أبي ليلى أنه مخير في العتق والصيام، فإن لم يقدر على واحد منهما أطعم، وإلى هذا ذهب محمَّد بن جرير الطبري، وقال: لا سبيل إلى الإطعام إلا عند العجز عن العتق والصيام، وهو مخيَّر في العتق والصيام.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن رجلًا أفطر في رمضان في زمن النبي - عليه السلام -، فأمره أن يكفِّر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينًا، فقال: لا أجد، فأتي رسول الله - عليه السلام - بعَرق فيه تمر فقال: خذ هذا فتصدق به. فقال: يا رسول الله إني لا أجد أحدًا أحوج إليه مني، فضحك رسول الله - عليه السلام - حتى بدت أنيابه، ثم قال: كُلْه".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا رَوح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: حدثني ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة حدثه: "أن النبي - عليه السلام - أمر رجلًا أفطر في شهر رمضان أن يعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا".

قالوا: فإنما أعطاه رسول الله - عليه السلام - ما أعطاه مما أمره أن يتصدق به، بعد أن أخبره بما عليه في ذلك مما بينه أبو هريرة في حديثه هذا.

ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه -من التخيير في الكفارة بين العتق والصيام والإطعام- بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قالوا: إنما أعطاه رسول الله - عليه السلام - التمر الذي في العَرَق الذي أُتي به، وأمره أن يتصدق به عن جنايته تلك، بعد أن أخبره بالواجب الذي عليه في ذلك مما بينه أبو هريرة بقوله: "أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين، أو إطعام ستين مسكينًا"، ذكر ذلك بكلمة: "أوْ" التي هي للتخيير، فوجب ذلك على التخيير.

ثم إنه أخرج الحديث المذكور من طريقين صحيحين رجالهما كلهم رجال "الصحيح" ما خلا أبا بكرة وهو أيضًا ثقة ثبت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015