ش: أراد بهؤلاء الذاهبين إلى أن وزن الصاع ثمانية أرطال: الحجاج بن أرطاة، والحكم بن عتيبة، وإبراهيم النخعي، وأحمد في رواية، وممن قال بذلك أبو حنيفة.

واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور.

بيان ذلك: أنه قد ثبت في "الصحيح" (?): "أنه - عليه السلام - كان يغتسل بالصاع". ثم إن "العُسَّ" المذكور في حديث عائشة كان مثل الصاع الذي يغتسل به رسول الله - عليه السلام -، لقول عائشة - رضي الله عنها -: "كان النبي - عليه السلام - يغتسل بمثل هذا".

ثم إن مجاهدًا لما حزره حزره بثمانية أرطال أو بتسعة أو بعشرة، فحصل اليقين في الثمانية، وإنما الشك فيما فوقها، فثبتت الثمانية وانتفى ما فوقها.

وبهذا الكلام حصل الجواب عما قاله ابن حزم في "المحلى": وهذا لا حجة فيه؛ لأن موسى قد شك في هذا الإناء من ثمانية أرطال إلى عشرة، وهم لا يقولون: إن الصاع لا يزيد على ثمانية أرطال ولا فلسًا.

فإن قيل: إن النبي - عليه السلام - لم يُعيّر له الماء للغسل بكيل معلوم ولا كان يتوضأ ويغتسل بإناء مخصوص، بل قد توضأ واغتسل في الحضر والسفر بلا مراعاة لمقدار الماء، وقد صح أنه اغتسل هو وعائشة جميعًا من إناء يسع ثلاثة أمداد، ومن إناء أيضًا يُسمى الفَرَق، وأيضًا من إناء يسع فيها خمسة أمداد، وأيضًا بخمسة مكاكي، فإذا كان كذلك فكيف يستدل بحديث عائشة المذكور أن الصاع ثمانية أرطال؟!

قلت: المراد من هذا ثبوت كون الصاع ثمانية أرطال فقط لا التعرض إلى بيان مقدار ما كان يغتسل به النبي - عليه السلام -،وقد دلَّ قول عائشة - رضي الله عنها -: "كان النبي - عليه السلام - يغتسل بمثل هذا" مع حزر مجاهد ذلك الإناء بثمانية أو أكثر على المدعى وهو المطلوب.

على أن ابن عدي أخرج في "الكامل" (?): عن عمر بن موسى بن وجيه، عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015