قوله: "صاعٌ" مرفوع بالابتداء وتخصص بالصفة، وهي قوله: "من بُرٍّ"، وخبره قوله: "عن كل اثنين".

قوله: "فيزكيه الله" أي: يطهره الله من وسخ الآثام، أو معناه: يزيده الله بركة في ماله؛ لأن معنى الزكاة: النماء، وهي الزيادة، يقال: زكى الزرع إذا نمى.

قوله: "فيرد عليه ما أعطى" معناه: يجازيه الله تعالى في الدنيا بأن يرد عليه أكثر مما أعطاه، وفي الآخرة بالثواب الجزيل.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: فيه دلالة ظاهرة على أن صدقة الفطر من الحنطة: نصف صاع.

الثاني: فيه رد على أهل الظاهر حيث منعوا جواز الحنطة في صدقة الفطر.

الثالث: فيه دليل أن الواجب على الصغير والكبير والحر والعبد.

الرابع: قال الخطابي: فيه بيان أن الفقير تلزمه صدقة الفطر إذا وجد ما يؤديه، ألا تراه يقول: "وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه"، فقد أوجب عليه أن يؤديها عن نفسه مع إجازته له أن يأخذ صدقة غيره.

قلت: فيه نظر؛ لأن اللفظ ليس فيه ما يدل على أنها تجب على الفقير، بل معناه أن الفقير إذا تبرع بها ابتغاء لمرضاة الله تعالى، فإن الله يجازيه في الدنيا بأن يرد عليه أكثر مما أعطاه، وفي الآخرة بالثواب الجزيل.

الخامس: قال الخطابي: وفي قوله: "ذكر أو أنثى" دليل لمن أسقط صدقة الزوجة عن الزوج؛ لأنه في الظاهر إيجاب على المرأة، فلا يزول الفرض عنها إلا بدليل، وهو مذهب أصحاب الرأي والثوري.

وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: يُخرج عن زوجته لأنه يمونها.

ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: "زكاة الفطر عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015