وقيل: إن صدقة الفطر منسوخة بالزكاة وتعلقوا بخبر يروى عن قيس بن سعد أنه قال: "أمرنا بها رسول الله - عليه السلام - قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا بها ولم ينهنا، فنحن نفعله".
وقال الخطابي: وهذا لا يدل على زوال وجوبها؛ وذلك أن الزيادة في جنس العبادة لا توجب نسخ الأصل المزيد عليه، غير أن محل سائر الزكوات الأموال ومحل زكاة الفطر الرقاب.
قلت: غير أن الفقير يستثنى منه لقوله - عليه السلام -: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى". رواه أحمد (?).
وفي رواية مسلم (?): "وخير الصدقة عن ظهر غنى".
وهو حجة على الشافعي في قوله: تجب على مَن يملك زيادة على قوت يومه لنفسه وعياله.
الثاني: يدل على أن صدقة الفطر هي صاع من طعام، وقد احتج به الشافعي أن الفطرة عن القمح صاع، وقال: المراد بالطعام البُرّ في العُرف، وقال أصحابه ولا سيما في رواية الحاكم: "صاعًا من حنطة".
أخرجها في "المستدرك" (?): من طريق أحمد بن حنبل، عن ابن علية، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض بن عبد الله قال: "قال أبو سعيد -وذكر عنده صدقة الفطر- فقال: لا أُخرج إلا ما كنت أخرجه في عهد رسول الله - عليه السلام - صاعًا من تمر، أو صاعًا من حنطة، أو صاعًا من شعير. فقال له رجل من القوم: أو مُدَّين من قمح. فقال: لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها".
وصححه الحاكم.