فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد من الصدقة التطوع في حق ولدها وصدقة الفرض في حق زوجها عبد الله؟
قلت: لا مساغ لذلك؛ لاجتماع الحقيقة والمجاز حينئذٍ، وهذا لا يجوز.
ثم إسناد حديث عبيد الله بن عبد الله صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (?): من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، أنه أخبره عبد الله بن عبيد الله، عن رَيْطة بنت عبد الله امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده قالت: "والله لقد أنت وولدك عن الصدقة فما استطيع أن أتصدق معكم. قال: فما أحب إن لم يكن لك في ذلك أجرٌ أن تفعلي فسألت رسول الله - عليه السلام - هي وهو فقالت: يا رسول الله إني امرأة ذات صنعة أبيع منها، وليس لي ولا لولدي ولا لزوجي شيء، فشغلوني فلا أتصدق، فهل لي في ذلك أجر؟ فقال: لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم، فأنفقي عليهم" انتهى.
قوله: "صَنَعاء" بفتح الصاد والنون وهي التي تعمل بيديها.
قوله: "أن تفعلي" بفتح همزة "أن" وهي مصدرية في محل النصب؛ لأنه مفعول لقوله: "ما أحب" أي: ما أحب فعلك إن لم يكن لك أجر، وأراد به فعل الصدقة عليه وعلى ولده منها.
قوله: "هي وهو". إنما ذكر هي ليصح عطف هو على ما قبله؛ لأن الضمير المتصل لا يُعطف عليه إلا بإعادة الضمير المنفصل؛ وذلك لئلا يكون عطف الاسم على الفعل.
قوله: "ورائطة هذه هي زينب ... إلى آخر" جواب عما يقال: إن الحديثين في قضيتي امرأتين؛ لأن المذكورة في الحديث الأول هي زينب، وفي هذا الحديث هي رائطة. فأجاب عنه بأن رائطة هي زينب المذكورة في ذاك الحديث، وقد