إنَّ ناسا يكرهون الشرب قائما، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت، وقال: هذا وضوء من لم يحدث".
رواه البخاري في الصحيح (?): عن آدم بن أبي إياس ببعض معناه.
قوله: "في الرحبة" أراد بها رحبة الكوفة، وهي رحبة خنيس بن سَعْد أخو النعمان بن سَعْد جدّ أبي يوسف القاضي.
وفيه: دلالة على استحباب شرب الماء الذي فضل من الوضوء قائما (?).
ص: قال أبو جعفر: وليس في هذا الحديث عندنا دليل أن فرض الرجلين هو المسح؛ لأن فيه أنه قد مسح وجهه، وكان ذلك المسح هو غسلا فكذلك يحتمل أن يكون مَسْحه لرجليه كذلك.
ش: أشار بهذا إلي أن احتجاج مَن يذهب إلى أن وظيفة الرجلين المسح بهذا الحديث غير صحيح؛ لأنه ليس فيه ذلك على [الإطلاق] (?) ألا ترى أنه قال فيه: "فمسح بوجهه" ولم يكن ذلك إلاَّ غسلا؛ لأنهم قائلون أيضًا أن الوجه لا يمسح، ولا اليدين، فكذلك يكون معنى المسح في الرجلين الغسل.
فإن قيل: سلمنا أن المراد بالمسح الغسل في الوجه واليدين، ولكن لا نسلم ذلك في الرجلين، فإن قوله: "ومسح برأسه ورجليه" قرينة تدل على أن المراد من المسح في الرجلين هو خلاف الغسل؛ بقرينة ذكر الرأس؛ لأن وظيفتها المسح بالإجماع، ويدل عليه أيضًا ما روي عن عكرمة: "غسلتان ومسحتان" وأراد بالغسلتن غسل الوجه، وغسل اليدين، وأراد بالمسحتين مسح الرأس، ومسح الرجلين.
قلت: ولئن سلمنا ذلك فهذا كان في وضوء متطوع به، لا في وضوء واجب عليه من الحدث الذي يوجب الوضوء، وذلك لقوله - رضي الله عنه -: "وهذا وضوء مَنْ لم