المذكورة إنما هو إذا كان واصلًا بين الفريضة والتطوع، وأما إذا كان فاصلًا بينهما فلا يُمنع من ذلك؛ لأن معنى قوله: "افصلوا بين صلاتكم" فرَّقوا بين الفريضة والتطوع لئلا يشتبه على الجاهل أن التطوع من الفرض، ولأجل هذا المعنى كان عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - يصلي ركعتي المغرب في بيته ليكون فاصلًا بين الفرض والسنة، وهذا المعنى هو المراد في حديث أبي هريرة ومالك بن بحينة وعبد الله بن سرجس - رضي الله عنهم -.

وأخرج الأثر المذكور عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب، عن شعبة ابن دينار القرشي الهاشمي مولى ابن عباس، فيه مقال، فعن مالك: ليس بثقة. وعن النسائي: ليس بالقوي. وعن يحيى بن معين: ليس به بأس، وروى له ابن ماجه حديثًا واحدًا في الغسل من الجنابة.

ص: وقد روي ذلك عن جلة من المتقدمين:

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي موسى، عن أبيه: "أنه حين دعاهم سعيد بن العاص دعا أبا موسى وحذيفة وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - قبل أن يصلي الغداة، ثم خرجوا من عنده وقد أقيمت الصلاة، فجلس عبد الله إلى اصطوانة من المسجد فصلى ركعتين، ثم دخل في الصلاة".

فهذا عبد الله قد فعل هذا ومعه حذيفة وأبو موسى لا ينكران ذلك عليه، فدل ذلك على موافقتهما إياه.

حدثنا سليمان، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي موسى، عن عبد الله: "أنه دخل المسجد والإمام في الصلاة، فصلى ركعتي الفجر".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015