من الليل، فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة؛ تسع ركعات قائمًا يوتر فيها، وركعتين جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فركع، وسجد، ويفعل ذلك بعد الوتر، فإذا سمع نداء الصبح، قام فركع ركعتين خفيفتين".
قوله: "فيحتمل أن يكون ... " إلى آخره، بيان وجه التوفيق بين هذا الحديث الذي رواه أبو سلمة عن عائشة، وبين الحديث الذي رواه سعد بن هشام وعبد الله بن شقيق عنها، ملخصه أن يقال: يحتمل أن يكون المراد من قولها: "يصلي ثمان ركعات ثم يوتر بركعة" في حديث أبي سلمة هو الثمان ركعات التي ذكرت في حديث سعد بن هشام عن عائشة، وهو قولها: "فيتسوَّك ويتوضأ, ثم يصلي ركعتي، ثم يقوم فيصلي ثمان ركعات ... " الحديث، فحينئذٍ يتفق الحديثان.
ولكن يكون في حديث أبي سلمة زيادة على حديث سعد بن هشام، وعبد الله بن شقيق، وهي تطوع رسول الله - عليه السلام - بعد الوتر؛ لأن هذا التطوع -وهو الركعتان بعد الوتر- لم يذكر في حديثهما، والمذكور في حديث عبد الله بن شقيق من الركعتين بعد الوتر هو ركعتا الفجر، وهما سنة غير تطوع، ويحتمل أيضًا أن يكون المراد من هذه التسع أعني تسع ركعات التي ذكرها أبو سلمة في حديثه -وهو قول عائشة: "يصلي ثمان ركعات ثم يوتر بركعة" وهي تسع ركعات- هي التسع الركعات التي ذكرها سَعْد بن هشام في حديثه عن عائشة أن رسول الله - عليه السلام - كان يصليها لما بدّن؛ وذلك لأنه لما بدَّن كان يصلي ست ركعات، ثم يوتر بالسابعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فهذه تسع ركعات، فتكون ثلاث عشرة ركعة مع الركعتين الخفيفتن اللتين كان - عليه السلام - يفتتح بهما صلاته، فحينئذٍ يتفق الحديثان أيضًا.
وقد قيل: وجه هذا الاختلاف عن عائشة في أعداد الركعات في صلاته - عليه السلام - في الليل؛ إما من الرُواة عنها، وإما منها باعتبار أنها أخبرت عن حالات منها ما هو الأغلب عن فعله - عليه السلام -، ومنها ما هو نادر، ومنها ما هو بحسب اتساع الوقت وضيقه.