عن النظر الذي ذكره أولئك القوم مع بيان القياس الصحيح، ولهذا رأيت في بعض النسخ قد ذكر فيه قوله: "فاحتج عليهم الآخرون" إلى قوله: "أمر بالرجوع إلى القعود الأول" فقط ولم يزد عليه وذكر عقيبه: "ولكن أبا حنيفة ... " إلى آخره، وفي بعض النسخ ذكر قوله: "فكان من الحجة عليهم للآخرين ... " إلى آخره فقط من غير ذكر قوله: "فاحتج عليهم الآخرون". وفي بعضها ذكر ذا وذا، وهو الأكثر.
ووجهه ما ذكرنا وللقائل أن يقول: قوله: "فدخل في قيام فرض" غير مسلم؛ لأن القيام الفرض هو الذي يكون عقيب القعود، وهذا القيام في حكم القعود، ولهذا يؤمر بالرجوع إذا لم يحصل كماله.
ص: وقد قال بما قالوا من ذلك بعض المتقدمين:
حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، عن يونس، عن الحسن: "في الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر سجدة، قال: لا تجزئه حتى يتشهد أو يقعد قدر التشهد".
حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا سعيد بن سابق الرشيدي، قال: ثنا حيوة بن حدثنا عن ابن جريج قال: "كان عطاء يقول: إذا تشهد الرجل التشهد الأخير فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأحدث -وإن لم يكن سلم عن يمينه وعن يساره- فقد تمت صلاته، أو قال: فلا يعود إليها".
ش: أي قد قال بما قال الفريقان من ذلك أي من وجوب القعدة الأخيرة وعدم وجوب التسليمة بعض المتقدمين من السلف، فممن قال بوجوب القعدة الأخيرة منهم: الحسن البصري.
أخرج ذلك عن بكر بن إدريس بن الحجاج الأزدي، عن آدم بن أبي إياس عبد الرحمن التميمي شيخ البخاري، عن شعبة بن الحجاج، عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن الحسن البصري.