والجواب عما قالوه: أن أكثر أهل العلم من الصحابة - رضي الله عنهم -، على خلافه على ما يجيء، فكيف يكون إجماعًا؟! على أنه ليس الخلاف في إجزائه في الصلاة، إنما الخلاف في الأولى والأحسن، والأحسن تشهد النبي - عليه السلام - الذي علمه أصحابه وأخذوا به، على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لو وجب ما ذكرتموه عند أصحاب النبي - عليه السلام - إذن لما خالف أحد منهم عمر- رضى الله عنه - في ذلك، فقد خالفوه فيه وعملوا بخلافه، وروى أكثرهم ذلك عن النبي - عليه السلام -.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وعبد الله بن المبارك وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور، وأصحاب الحديث، وجماهير الفقهاء؛ فإنهم قالوا: لو وجب ما ذكرتموه من تشهد عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - عند الصحابة لما كان يخالفه أحد منهم فيه، فإن جماعة من الصحابة قد خالفوه فيه، وعملوا بخلافه، على أن تشهد عمر - رضى الله عنه - من ذاته، وتشهد غيره مسند إلى النبي - عليه السلام -، وهو أقوى من غيره.

ثم إنهم اختلفوا فيما بينهم، فاختار الشافعي وجماعة تشهد ابن عباس، واختار أبو حنيفة وأصحابه وآخرون تشهد ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو قول الجمهور، على ما يجيء بيانه مفصلًا إن شاء الله تعالى.

ص: فمن خالفه في ذلك: عبد الله بن مسعود، فروي عنه في ذلك عن النبي - عليه السلام - ما قد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود ووهب وأبو عامر، قالوا: ثنا هشام الدستوائي، عن حماد بن أبي سليمان، عن أبي وائل، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "كنا إذا صلينا خلف رسول الله - عليه السلام قلنا: السلام على الله -عز وجل-، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فالتفت إلينا رسول الله - عليه السلام - فقال: لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله تعالى هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015