ش: أراد بالقوم هؤلاء: سويد بن غفلة والحسن بن صالح وإبراهيم بن عُلية ومالكًا في رواية؛ فإنهم ذهبوا إلى هذه الآثار التي رويت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وقلدوها، وقالوا: لا قراءة في الظهر والعصر أصلًا.
ثم اعلم أن العلماء اختلفوا في القراءة في الصلاة، فقالت طائفة: القراءة في الصلوات مستحبة غير واجبة، وإليه ذهب الأصم وابن عُلية والحسن بن صالح وابن عُيينة، حتى لو لم يقرأ مع القدرة عليها تجزئه صلاته.
وقال الشافعي: فرضٌ في الكل. وقال مالك: فرضٌ في ثلاث ركعات.
وقال الحسن: فرضٌ في واحدة. وقال أصحابنا: فرضٌ في الركعتين من غير تعيين. وقال عياض: فذهب جمهور العلماء إلى وجوب أم القرآن للإمام والفذّ في كل ركعة، وهو مشهور قول مالك، وعنه أيضًا: أنها واجبة في كل الصلاة، وهو قول إسحاق، وعنه: أنها إنما تجب في ركعة. قاله المغيرة والحسن، وعنه: أنها لا تجب في شيء من الصلاة وهو أشذ رواياته، وهو مذهب أبي حنيفة، إلا أن أبا حنيفة يشترط أن يقرأ غيرها من القرآن في جلّ الصلاة، وذهب الأوزاعي إلى أنها تجب في نصف الصلاة، وحكي عن مالك.
ثم اختلف بعد ذلك من لم يُعيّن قراءة أم القرآن في الصلاة ما يجزئه من غيرها من القرآن؟ بعد إجماعهم على أن لا صلاة إلا بقراءة في الركعتين الأولين إلا ما قاله الشافعي فيمن نسي القراءة في صلاته كلها: تجزئه ويعذر بالنسيان على ما روي عن عمر - رضي الله عنه - (?) ولم يصح عنه، وقد أنكره مالك، وروي أن عمر أعاد (?)، ثم رجع الشافعي عن هذا.