ص: وخالفهم في ذلك آخرون في موضعين من ذلك: أحدهما ابتداء الأذان، فقالوا: ينبغي أن يقال في أول الأذان: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: جماهير الفقهاء، وأبا حنيفة والشافعي وأحمد وأصحابهم؛ فإنهم خالفوا هؤلاء في موضعين:
الأول: في ابتداء الأذان، فإن عندهم ابتداء الأذان: الله أكبر، أربع مرات.
قال أبو عمر: علّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة الأذان بمكة عام حنين، فروي عنه فيه تربيع التكبير في أوله، ورُوي عنه فيه تثنيته، والتربيع فيه من رواية الثقات الحفاظ، وهي زيادة يجب قبولها، والعمل عندهم بمكة في آل محذورة بذلك إلى زماننا، وهو في حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد.
وقال ابن حزم في "المحلى": وأحب الأذان إلينا أذان أهل مكة وهو: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أربع مرات ... إلى آخره، وذكر فيه الترجيح.
وأذان المدينة كما وصفنا إلا أنه لا يقول في أول أذانه: الله أكبر الله أكبر إلا مرتين فقط، وأذان أهل الكوفة كأذان أهل مكة إلا أنهم لا يرجعون، وإن أذن مؤذن أذان أهل المدينة أو بأذان أهل الكوفة فحسن.
وأما الموضع الثانى: فإن الآخرين افترقوا فرقتين: فرقة خالفوا القوم الأولين، وقالوا: لا ترجيع فيه. وهم أبو حنيفة وأصحابه.
وفرقة وافقوهم في الترجيح فقط، وهم الشافعي وأحمد وأصحابهم، على ما يأتي إن شاء الله.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة وعلي بن عبد الرحمن بن محمَّد بن المغيرة -واللفظ لأبي بكرة- قالا: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا همام بن يحيى، قال: ثنا عامر الأحول، قال: ثنا مكحول، أن عبد الله بن محيريز حدثه، أن أبا محذورة حدثه: "أن النبي - عليه السلام - علمه الأذان تسع عشرة كلمة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ... " ثم ذكر بقية الأذان على ما في الحديث الأول.