وذكر عبد الملك بن حبيب في "شرح الموطأ": ثنا أسد بن موسى، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن: "أن رسول الله - عليه السلام - لما جاء بالخمس صلوات إلى قومه خلّى عنهم حتى إذا زالت الشمس عن بطن السماء نُودي فيهم: الصلاة جامعة. ففزعوا لذلك، فاجتمعوا فصلى بهم الظهر أربع ركعات لا يُعلن فيها بالقراءة، أطال الأولتين، وخفف الأخُرتين، جبريل - عليه السلام - بين يدي النبي - عليه السلام -، ونبي الله بين أيدي الناس يقتدي الناس به، ويقتدي نبيّ الله بجبريل - عليه السلام -، ثم خلّى عنهم حتى إذا تصوبت الشمس وهي بيضاء نقية نودي فيهم: الصلاة جامعة، فاجتمعوا لذلك فصل بعهم العصر أربع ركعات ... " الحديث، وفي المغرب ثلاثًا، وفي العشاء أربعًا كصلاة اليوم، وفي الصبح ركعتين.

ثم اعلم أنه لا خلاف أنّ الصلوات الخمس فرضت ليلة المعراج، روى البيهقي من طريق موسى بن عقبة، عن الزهري أنه قال: "أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه إلى المدينة بسنة". وعن السدي: فرض رسول الله - عليه السلام - الخمس ببيت المقدس ليلة أُسريَ به قبل مهاجره بستة عشر شهرًا، فعلى قوله يكون الإسراء في شهر ذي القعدة، وعلى قول الزهري يكون في ربيع الأول، وعن جابر وابن عباس - رضي الله عنهم -، قالا: وُلِدَ رسول الله - عليه السلام - عامَ الفِيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، وفيه بعث، وفيه هاجر، وفيه مات" رواه ابن أبي شيبة، قيل: كان الإسراء ليلة السابع والعشرين من رجب، وقد اختاره الحافظ عبد الغني المقدسي في سيرته.

ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب، وهي ليلة الرغائب التي أُحدثت فيها الصلاة المشهورة، ولا أصل لذلك.

ثم اختلفوا في أن الإسراء والمعراج هل كانا في ليلة واحدة أو كل في ليلة على حِدَةٍ، منهم من زعم أن الإسراء في اليقظة، والمعراج في المنام، وقيل كان الإسراء مرتين مرةً بروحه منامًا، ومرةً بروحه وبَدنه يَقظةً، ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضًا حتى قال: إنها أربع إسراءات، وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015