له: ألا تتوضأ؟ فقال: أأريد الصلاة فأتوضأ؟! " فأخبر أنه لا يتوضأ إلا لأجل الصلاة، ففيه نفي الوضوء عن الجنب مطلقًا، سواء أراد النومَ أو الأكل أو الشرب، فإذا ارتفع الوجوب، يبقى الندب والاستحباب.
ص: ومما يدل على نسخ ذلك أيضًا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - قد روى ما ذكرنا "عن النبي - عليه السلام - في جوابه لعمر - رضي الله عنه -، ثم جاء عنه أنه قال بعد النبي - عليه السلام - ما حدثنا به محمد بن خزيمة، قال: أنا حجاج، قال: أنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: "إذا أجنب الرجل، وأراد أن يأكل أو يشرب أو ينَام غسل كفَّيه، وتمضمض، واستنشق، وغسل وَجْهه، وذراعيه، وغسل فرجه، ولم يغسل قدميه".
فهذا وضوء غير تامّ، وقد عَلِمَ أن النبي - عليه السلام - أمر في ذلك بوضوء تامّ، ولا يكون هذا إلا وقد ثبت النسخ كذلك عنده. ش: أي من جملة ما يدل على نسخ الوضوء التام للجنب إذا أراد أن يأكل: ما روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "إذا أجنب الرجل ... إلي آخره"، فإن قوله هذا بعد علمه أن النبي - عليه السلام - أمَر بالوضوء التامّ للجنب وذلك في جواب النبي - عليه السلام - لعمر بن الخطاب لما سأله - عليه السلام - "أيرقد أحدنا وهو جنب، قال: نعم؛ إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب" وفي رواية: "وضوءه للصلاة" على ما مَرَّ عن قريب في هذا الباب يدل على ثبوت النسخ عنده؛ لأن الراوي إذا روى شيئًا عن النبي - عليه السلام - أو علمه منه، ثم فعل أو أفتى بخلافه يَدُلّ على أن ذلك قد أنتسخ، إذْ لو لم يثبتا ذلك لما كان له الإقدام على خلافه.
ثم إسنادُ ما روي عن ابن عمر صحيح، وحجاج هو ابن المنهال، وحماد هو ابن سلمة، وأيّوب السختياني.
وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?) [عن] (?) إسماعيل بن عليّة، عن أيوب، عن