قطعت فيها رؤوسهم، وانتهكت حرماتهم، وصودرت أموالهم، وألصقت بهم كل تهم الخيانة والفساد، وتكشّف ليل الأمة الإسلامية عن بلاء رهيب ضاعت فيه المقدسات، وأقيمت فيه لأعداء الإسلام في مسرى الرسول - صلى الله عليه وسلم - دولة، وصال أعداؤنا وجالوا في ديارنا وقهروا دولنا وجيوشنا وأذاقونا البلاء أشكالًا وألوانًا، وأفاقت الأمة على واقع مرير، ونظرت إلى الزعامات والرئاسات والنظريات والفلسفات التي كانت تمنيها بالعزة والكرامة والحياة الطيبة ... ، فإذا بذلك كله سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد الله عنده، وبلغت المأساة قمتها عندما أثارها الصليبيون واليهود في لبنان فتنة راح ضحيتها رجالنا ونساؤنا وأطفالنا ونحن ساكتون سكوت الموت، وأثارها الشيوعيون علينا حربًا شعواء في أفغانستان، وما أخبار ما يفعله الصليبيون في الحبشة والفلبين بسر.
لقد أفاقت الأمة الإسلامية وخيول الصليبيين واليهود والشيوعيين تدق معاقل الإسلام في شرقه وغربه، وتلفتت إلى الدول المتمدنة والمتحضرة التي أقامت هيئة الأمم ومجلس الأمن تطلب نصرًا، وتريد عدلًا، وتطمع في الخلاص، فكان حالها كحال المستجير من الرمضاء بالنار.
لقد اقتنع كثير من المسلمين اليوم أن الإسلام هو الملاذ الوحيد لهذه الأمة التي اجتمع عليها أعداؤها وأحاطوا بها إحاطة السوار بالمعصم، والأكلة بالقصعة، فعادت الأصوات ترتفع من هنا وهناك معلنة التوبة عن ماض شائن، وأفكار عفنة، وعمالة منتنة، عادت الوجهة إلى الإسلام وكعبة الإسلام ورب الإسلام، وأسلمت الجموع قيادها لربها، ورضيت به إلها وبدينه منهجًا، وبرسوله مرشدًا وموجهًا، وأخذت الأصوات تتعالى هنا وهناك، مطالبة برفع راية الجهاد، وتحكيم شرع الله، والالتزام بأخلاق الإسلام، ومنابذة الكفرة العداء، ومن جملة