وفي هذه الحال يكون المراد بالايمان التصديق القلبي، وبالإسلام الاستسلام الظاهري، وقد سأل جبريل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن مراتب الدين الثلاثة عندما جاءه في صورة رجل يعلم الصحابة دينهم، وقد فسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في إجابته الإسلام بالانقياد الظاهرى: "أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" وعرف الإيمان بالتصديق القلبي "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى".

وقال في الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (?).

وقد أرشدنا علماؤنا إلى كيفيه تحديد المعنى المراد بالإسلام والإيمان عند ورودهما في آيات الكتاب وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إذا اقترنا افترقا، وإذا افترقا اتفقا، والمراد أنه إذا وردا مقترنين في آية واحدة كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 35].

افترقا، أي حمل الإيمان على التصديق بالقلب، والإسلام على الانقياد بالعمل، وإذا ذكر الإيمان وحده فإنه يكون شاملًا للإسلام كقوله: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] وكذلك إذا ذكر الإسلام وحده فإنه يكون شاملًا لمعنى الإيمان، أي شاملًا للتصديق القلبي والانقياد بالعمل الظاهرى كقوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015