كاملة وافية، ولذلك جاءت صورة المجتمع المسلم في غاية الضبط والتنظيم والتماسك.
9 - الصبغة الأخلاقية الطاهرة:
والأخلاق هي الضابط الأعظم في حياة الفرد وحياة الأمة، والمسلمون يحرصون على العمل بمقتضاها مهما كان الثمن باهظًا، لقد أوقف المشركون جماعة من المسلمين المستخفين في إسلامهم، كانوا ذاهبين إلى المدينة أثناء حصار المشركين للمدينة في موقعة الخندق، ولم يسمحوا لهم بالمرور إلا بعدما أخذوا عليهم العهود والمواثيق بأن لا يحاربوهم مع المسلمين، فلما أخبروا الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "نفي بعهدهم ونستعين الله عليهم" (?)، ولم يأذن لهم بالمقاتلة معه، وعندما أخرج الذين كفروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة لم يسمح لنفسه بالاستيلاء على أمانات الكفار، بل أمر عليًّا بردها إلى أهلها، والقصة معروفة مشهورة.
ولقد تحدثت بأخلاق المسلمين الركبان في المشارق والمغارب، ولقد كانت هذه الأخلاق من أعظم ما حبب الكفار بدين الإسلام، فدخلت الأمم المغلوبة في دين الله أفواجًا، لمّا رأوا عدل المسلمين، وصدقهم ووفاءهم بالعهود، وما كان للمسلمين إلا أن يكونوا كذلك والإسلام يأمرهم بذلك {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8].