لقد عني الإسلام بغرس الأخلاق الفاضلة والقيم الحميدة التي تقيم من الإنسان حارسًا على نفسه تمنعه من التصرفات الخاطئة، ولذلك تجد كثيرًا من المسلمين لا يسرقون ولا يغشون، ولا يحتكرون، ولا يكذبون في التعامل ... مع قدرتهم على هذا كله، لخوفهم من الله تبارك وتعالى، بل ترى النوم قد جفاهم، وملأ القلق نفوسهم إذا دخل شيء من المال في حيازتهم، لكونهم لم يعرفوا حكمه الشرعي، ولا يهدأ لهم بال حتى يقفوا على حكم الله فيه، وتراهم يتخلصون منه، ويبذلونه في مصارفه الشرعية، إذا تبين لهم أنه لا يحل لهم، ولا يكتفي الإسلام بغرس التقوى والخلق القويم في النفس الإنسانية، ولكنه يضع الضوابط الشرعية التي تحكم التصرفات العملية، ويأمر الدولة الإسلامية أن تقوم على مراعاة هذه الضوابط والأحكام.
فهناك مصادر للمال لا يرضاها الإسلام، ولا يجيز لأبنائه التعامل من خلالها، كالسرقة والغش والزنا وبيع المحرمات كالخمر والخنزير، وأكل مال اليتيم، والغلول من الغنيمة، ونحو ذلك.
ولم يجز للإنسان أن يتصرف في ماله كيف شاء، فلا يجوز إهلاك المال وإفساده، كما لا يجوز للمرء أن يسرف في الإنفاق، وقد عدّ القرآن المبذرين إخوان الشياطين، وانظر إلى المجتمع الرأسمالي البعيد عن هذه الضوابط كيف يقيم الصروح الضخمة التي تدمر القيم والأخلاق، وتؤدي إلى الظلم والاستبداد، فالبنوك الربوية التي تمحق الكسب تقوم في كل مدينة وقرية، وتستخدم جيوشًا من العمال والموظفين لكي تحقق الكسب الحرام لفريق من البشر، والعمارات الشاهقة ترتفع في كثير من المدن لتتاجر بالأعراض. والأموال تبذل بسخاء لإقامة العروض الفاجرة هنا وهناك باسم الفن، فمسابقات ملكات الجمال، والأفلام