والضرر هنا لا يتوقف على الذين ليس في أيديهم المال، بل يتعداه إلى المجتمع كله، حتى أولئك الذين يملكون المصانع والمزارع والمتاجر يصابون بضرر كبير، وأصدق وصف توصف به حالة تلك المجتمعات أنها مصابة بالشلل في اقتصادها، فالمصانع والشركات تغلق أبوابها في كثير من الأحيان، والعمال لا يجدون عملًا، والناس لا يستطيعون شراء ما يريدون، والسبب في ذلك ليس هو قلة البضائع، ولكن المال مكنوز في خزائن المرابين والأثرياء، وعامة الناس يريدون شراء حاجاتهم ولكنهم لا يملكون المال الكافي، وعند ذلك تتكدس البضائع في المحازن، فتوقف المصانع والشركات أعمالها أو تقلل منها، وتستغني عن عمالها أو بعض منهم، ولو وضع نظام اقتصادي يوزع الثروة بين أبناء المجتمع، ويسمح بوصولها إلى مختلف القطاعات - فإن الحياة تزدهر، والمال ينمو، وقد علل القرآن توزيع مال الفيء على الفقراء دون الأغنياء بقوله: {كَي لَا يَكُونَ دُولَةً بَينَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7].
وليس علاج هذا يحرمان جميع الناس من المال إلا في حدود ضيقة كما هو الحال في المجتمع الشيوعي، بل بوضع تشريعات تمنع من تكدس الثروة عند فئة معينة من فئات المجتمع وتسمح بسريان المال إلى جميع هذه الفئات، ومن أجل ذلك حرّم الإسلام الربا، وفرض الزكاة، وشرع نظام الإرث الذي يفتت الثروة دائمًا وأبدًا.
النظام الاقتصادي الإسلامي يتيح للأفراد قدرًا متساويًا في فرص العمل وحيازة الممتلكات الإنتاجية منها والاستهلاكية، فلا يمنع فئة دون فئة من عمل من الأعمال، ولا يبيح لفريق دون فريق شيئًا من الممتلكات، يترك الإسلام الباب