فأمر بالحجر على السفيه، لأن تصرفه في أمر المال على غير استواء ضار بالأمة كلها، وعلل هذا الحجر بأن الله جعل المال قيامًا لأمر الأمّة.

وقد يقول قائل: ولماذا ينظم الله بنفسه شؤون المال، ولم لا يترك هذه الأمور الدنيوية للبشر أنفسهم، وفي الجواب نقول: هل يستطيع البشر أن يقيموا أمورهم المالية والاقتصادية على العدل والحق، بعيدًا عن الباطل والظلم؟

على الذين يقولون: إن الإنسان قادر على أن يحقق هذا بنفسه، مستغنيًا عن تدبير الخالق أن ينظر نظرة في تاريخ الاقتصاد ليتبين المآسي والمظالم التي أحدثتها النظم الاقتصادية التي سادت في عالم البشر، فالنظام الإقطاعي كان يعبد البشر لملّاك الأرض، وكانت الأرض تباع، فيباع البشر الذين يعملون فيها كما تباع الحيوانات، ولا يملكون من أمرهم شيئًا.

وتحطم نظام الإقطاع، وقام السادة الجدد الذين دعوا إلى النظام الحرِّ مقام السادة الإقطاعيين من قبل، فقد جعلوا من حق الفرد أن يملك ما يشاء ويتصرف في ماله كما يشاء، ولو أدى هذا إلى الإضرار بملايين البشر، وجاءت الشيوعية لتعصف بالنظام الاقتصادي الحر، وتقيم سلطة جديدة تملك كل شيء وتجعل البشر عندها عبيدًا للدولة، يعملون ولكنهم لا يملكون، وليسوا أحرارًا فيما يعملون، الدولة تتصرف في كل شيء، وتقنن كل شيء وقد عالج الفاشيون والنازيون ظلم الشيوعية بظلم جديد، أقام من سلطان الدولة طاغوتا لا يقل عن طاغوت الدولة الشيوعية، فهل تخلص البشر من طغيان البشر، وهل صلحت أحوالهم الدنيوية، إن البشر يفقدون في كل نظام من النظم البشرية حريتهم بنسب متفاوتة، وإن ادعى أرباب كل مذهب والقائمون عليه أنهم حرروا البشر مما يظنونه ظلمًا، إذ هم يرفعون ظلمًا يرونه، ويقررون ظلمًا من نوع آخر {اللَّهُ وَلِيُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015