والصاروخ والقنبلة الذريّة والهيدروجينية - لا يتم إلا بإتقان علوم كثيرة. هذا في العلم المادي.
أمّا الثقافة فالأمّة الإسلامية لها ثقافها التي تشكل شخصية الفرد والأمّة، وتميزها عمن عداها، ومتى انسلخت الأمّة الإسلامية من ثقافتها التي تتمثل في قيمها وأخلاقها وتشريعها وآدابها فإن ذلك مؤذن بزوالها ودمارها، وبذلك ترتد إلى الجاهلية التي جاء الإسلام لينقذها منها.
وإذا عرفنا هذا علمنا ما نأخذ وما ندع من حضارة الغرب.
كلمة "حضارة" ككلمة ثقافة، يكثر دورانها اليوم في المحاضرات والندوات والتأليف، فيقولون: فلان متحضر، وفلان غير متحضر، والأمّة الإسلامية أمّة متحضرة، وكما يوصف الأفراد والجماعات بالتحضر توصف بها الأعمال، فالمعاملة المهذبة توصف بأنها حضارة، والغلظة والجفاء توصف بعكس ذلك.
والعرب تريد بالحضارة ما يقابل البداوة، والحاضرة تقابل البادية، وخلاصة ما في المعاجم اللغوية عن مادة حضارة تنتهي بنا إلى أن الحضارة هي حياة المدينة، والبداوة هي حياة البادية، والحضر سكان المدن، والبدو سكان الصحراء.
ولم تعد كلمة حضارة في العرف المعاصر مقصورة على مدلولها القديم المقابل لمدلول كلمة "بداوة"، وإنما جاوزته إلى مدلول آخر هو التعبير عن ارتقاء المجتمع وارتفاعه عن المستويات البدائية, ويقصدون عادة بالمجتمع المتحضر ذلك المجتمع الذي له قيمه الروحية الرفيعة، وأساليبه المادية المتطورة في مواجهة الحياة الطبيعية.