الشريعة عَلَم على جمع ما أنزله الله من أحكام كما سبق بيانه، إلا أن بعض العلماء المتأخرين جعلوا الشريعة علمًا على الأحكام العملية دون غيرها، وقد قلنا من قبل إن اصطلاح القرآن على خلاف هذا، والاصطلاح الذي وضعه العلماء للأحكام العملية هو: "الفقه، أو علم الفروع"، وسنلم إلمامة سريعة بهذا العلم، كما سنعرض باختصار للأصول التي قام عليها.
مدار الفقه في لغة العرب على الفهم والعلم، قال موسى في دعائه لربه {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)} [طه: 27 - 28].
وقال قوم شعيب في خطابهم لنبيهم {قَالُوا يَاشُعَيبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هود: 91].
وبعد مجيء الإسلام غلب اسم الفقه على "علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم، كما غلب النجم على الثريا والعود على المندل" (?).
وقد كان اسم الفقه شاملًا للدين كله، فالفقه فقه الكتاب والسنة, لا فرق في ذلك بين العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات والأخبار، يقول ابن عابدين: "المراد بالفقهاء: العالمون بأحكام الله تعالى اعتقادًا وعملًا، لأن تسمية علم الفروع فقهًا حادثة، ويؤيده قول الحسن البصري: إنّما الفقيه المعرض عن