سئل الإمام أحمد رحمه الله عن القدر، فقال: القدر قدرة الله، والإيمان بقدر الله يعني أن نؤمن أن علم الله محيط بكل شيء، فإنّه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وقد سجل تبارك وتعالى في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة، فما من أمر إلا وهو في الكتاب مسطور، ومن ذلك ميلادنا وأقوالنا وأعمالنا رأرزاقنا وآجالنا وعَلِمَ الله السعيد منا والشقي فينا، ولكنه ستر عنّا علم ذلك كله، وأرسل إلينا رسلًا، وأنزل علينا كتبًا، وجعل لنا عقولًا وأسماعًا وأبصارًا، وقال لنا أنا ربكم وإلهكم وعليكم أن تعملوا بطاعتي وتجتنبوا معصيتي، فإن لم تفعلوا عذبتكم بناري، وإن كنتم كما طلبت منكم أدخلتكم جنتي.
وليس للعباد أن يعارضوا أمر الله الشرعي الديني بما قدره وكتبه عليهم، فالله شاء منهم أن يعبدوه، ولم يطلعهم على ما قدره فيهم وكتبه عليهم، والقدر لا يُسَلَّم له إلا بعد وقوعه، أمّا قبل وقوعه وحدوثه فإن العبد مطالب بأن يفعل أحسن ما قدر على فعله، والقدر لا حجّة فيه لمن ضل وغوى بعد أن بلغته الرسالة، وقامت عليه الحجّة، فالحساب والعذاب ينظر فيهما إلى قدرة العبد على الاستقامة والطاعة وبلوغه الوحي.
والبحث عن الطريقة التي تعمل فيها قدرة الله بحث عقيم، لا يستطيع العقل