نبي إلا قد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحى الله إليّ، وأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" (?).
لم يشأ الحق تبارك وتعالى أن يجعل معجزة الرسالة الأخيرة حسيّة تذهل من يراها، فلو شاء لأنزل معجزة قاهرة تلوي أعناق الذين يشاهدونها، فلا يملكون معها جدالًا ولا انصرافًا عن الإيمان بها {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4].
لقد شاء الله أن تكون الرسالة رسالة مفتوحة إلى الأمم كلها، وللأجيال كلها، وليست رسالة مغلقة على أهل زمان أو أهل مكان، فناسب أن تكون معجزتها مفتوحة كذلك للبعيد والقريب، لكل أمة ولكل جيل، والخوارق القاهرة لا تلوي إلا أعناق من يشاهدونها، ثمَّ تبقى بعد ذلك قصة تروى، لا واقعًا يشاهد، ها هي معجزة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد أكثر من أربعة عشر قرنًا لا تزال كتابًا مفتوحًا ومنهجًا مرسومًا، يستمد منه أهل هذا الزمان ما يقوم حياتهم -لو هدوا إلى "اتخاذه إمامهم- ويلبي حاجاتهم كاملة، ويقودهم بعدها إلى عالم أفضل، وأفق أعلى، ومصير أمثل. (?)
والقرآن معجز في كل جانب من جوانبه، وفي كل ناحية من نواحيه:
1 - فهو معجز في بنائه التعبيري، وتنسيقه الفني، باستقامته على خصائص واحدة، في مستوى واحد، لا يختلف ولا يتفاوت، ولا تتخلف خصائصة، كما هي الحال في أعمال البشر، إذ يبدو الارتفاع والانخفاض