فأن النحو عبارة عن القصد، والناس مختلفون في المقاصد، ومفترقون في المصادر والموارد، فواحد تقويم لسانه مبلغ علمه، وواحد تقويم جنانه أكثر همه، فالأول صاحب عبارة، والثاني صاحب إشارة، فنقول وبالله التوفيق ولرسوله التصديق.
قال أهل العبارة: أقسام الكلام ثلاثة: اسم وفعل وحرف، وقال أهل الإشارة: الأصول ثلاثة أقوال وأفعال وأحوال، فالأقوال: هي العلوم وهي مقدمة على العمل لقوله صلى الله عليه وسلم:} (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) {ثم تجب المبادرة إلى صالح العمال، ثم تأتي الأحوال مواهب من الله تعالى.
قال أهل العبارة: الاسم مشتق من السمو أو من السمة على الخلاف. وقال أهل الإشارة: اسم العبد: ما وسمه الله تعالى به في سابق مشيئته من شقاوة وسعادة، فمن قربه في سابق مشيئته، فقد سما قدره بين بريته.
ولما دخل العباد إلى مكتب التعليم طالع آدم لوح الوجود فقرأ} (وعلم آدم الأسماء كلها) وطالع محمد صلى الله عليه وسلم لوح الشهود، فقيل له بلسان الحال: نحن نطلعك على كل موجود، ثم خوطب بقوله:} (اقرأ باسم ربك الذي خلق) {فلما قرأ وأدب وهذب، قيل يا محمد: قد عرفتنا بالأسماء والصفات فتعرف، إلينا بالذات} (اقرأ وربك