لا يُؤَالِسُ، وَلا يُدَالِسُ، وَلا يُدَامِجُ، وَلا يُحْدَجُ بِسُوء، وَقَدْ طُوِيَ بَاطِنه عَلَى مِثْلِ ظَاهِرِهِ، وَاسْتَوَى فِي النُّصْحِ غائِبُه وَشَاهِدُهُ.
وَيُقَالُ: اِسْتَبَدَّ فُلانٌ بِأَمِيرِهِ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ لا يَسْمَعُ إِلا مِنْهُ. وَفُلان رَجُل هُجَعَة أَيْ غَافِل سَرِيع الاسْتِنَامَةِ إِلَى كُلِّ أَحَد، وَإِنَّهُ لَرَجُل يَقِنٌ، وَيَقَنَة، وَمِيقَان، أَيْ لا يَسْمَعُ شَيْئاً إِلا صَدَّقَهُ، وَرَجُل نَقُوع أُذُن أَيْ يَثِقُ بِكُلِّ أَحَد، وَإِنَّهُ لَوَابِصَة سَمْع.
وَتَقُولُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ: قَدْ رَابَنِي أَمْرُ فُلان، وَأَرَابَنِي، وَقَدْ دَاخَلَنِي مِنْهُ رَيْب، وَخَامَرَنِي فِيهِ شَكٌّ، وَخَالَجَنِي فِيهِ ظَنّ، وَحَكّ فِي صَدْرِي مِنْهُ أَشْيَاء أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَتَوَجَّسْتُهَا مِنْهُ، وَقَدْ اِسْتَرَبْتُ بِهِ، وسُؤْتُ بِهِ ظَناً، وَأَسَأْتُ بِهِ الظَنّ، وَتَجَاذَبَتْنِي فِيهِ الظُّنُونُ، وَتَوَهَّمْتُ بِهِ سُوءاً، وَاسْتَوْحَشْتُ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وَخُيِّلَ إِلَيَّ مِنْهُ الْغَدْرُ.
وَقَدْ بَدَا لِي مِنْهُ مَا يَدْعُو إِلَى التَحَذُّر مِنْ كَيْدِهِ، وَيُوجِبُ التَّيَقُّظَ مِنْ مَكْرِهِ، وَالتَّحَصُّنَ مِنْ