وَأَرْهَقَهُ لَهْفَةً، وَلَهَفاً، وَبَاتَ يَمْتَعِضُ أَسَفاً، وَيَتَجَرَّعُ غُصَص النَّدَم، وَيَجْرَضُ بِرِيقه مِنْ الْكَمَدِ، وَرَأَيْته لَهِيفاً، حَائِراً، كَاسِف الْبَالِ، كَاسِف الْوَجْهِ، هَائِم اللُّبّ، مُشَرَّد الْفِكْرِ.

وَرَأَيْته نَادِماً سَادِماً، وَنَدْمَانَ سَدْمَان، أَيْ نَادِماً مَهْمُوماً وَلا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ السَّدَم إِلا مَعَ النَّدَمِ، وَقَدْ نَدِمَ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ، وَنَدِمَ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَنَدِمَ عَلَى مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، وَبَاتَ يَتَقَلَّبُ عَلَى مِثْل الْجَمْر مِنْ النَّدَمِ، وَيَتَقَلَّبُ عَلَى مِثْل شَوْك الْقَتَاد، وَبَاتَ يَقْرَعُ سِنَّهُ نَدَماً، وَيُقَلِّبُ كَفَّيْهِ نَدَماً، وَيُعَضِّضُ شَفَتَيْهِ لَهَفاً، وَيَعَضُّ عَلَى يَدَيْهِ، وَيَعَضُّ عَلَى بَنَانِهِ، وَقَدْ أَكَلَ بَنَانَهُ نَدَماً، وَأَكَلَ يَدَيْهِ نَدَماً، وَأَفْنَى يَدَيْهِ عَضّاً، وَقَطَّعَ نَفْسَهُ بِاللَّوْمِ، وَذَهَبَتْ نَفْسُهُ حَسَرَات.

وَقَدْ اِسْتَوْبَلَ عَاقِبَة أَمْرِهِ، وَاسْتَوْخَمَ غِبّ سَعْيه، وَذَاقَ وَبَالَ تَفْرِيطِهِ، وَجَنَى ثَمَرَةَ تَهَوُّرِهِ، وَتَرَدَّى فِي مَهْوَاة غُرُورِهِ، وَاحْتَقَبَ مِنْ فِعْلِهِ تَبِعَة النَّدَمِ، وَتَكَشَّفَتْ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015