فَإِن شَاءَ فسر الْوَجْه، وَإِن شَاءَ لم يُفَسر. فَقَالَ ابْن أَخِيه: أشهد أَنه بَرِيء مِنْهَا إِن لم أثبتها. فَقلت: وَأما أَنْت فقد أَبرَأته إِلَى أَن تثبت ذَلِك، فَمَا رَأَيْت أَضْعَف مِنْهُمَا فِي الحكم.
ادّعى رجل على آخر طنبوراً وأحضره عِنْد القَاضِي فَأنْكر، فَقَالَ: حلفه فَقَالَ القَاضِي: إِن كَانَ عنْدك هَذَا الطنبور فأيري فِي حر أمك. فَقَالَ الرجل: أَي يَمِين هَذَا؟ فَقَالَ القَاضِي: 458 يَمِين الطنبور. وَادّعى رجل على امْرَأَة عِنْد القَاضِي شَيْئا فأنكرت فَقَالَ لَهَا: إِن كنت كَاذِبَة فأير القَاضِي فِي حرك. فتوقفت الْمَرْأَة، فَقَالَ القَاضِي: قولي وَإِلَّا فاخرجي من حَقه. قَالَ بعض الْقُضَاة الحمقى: قد عزمت على أَن أخصي عَدْلَيْنِ للشَّهَادَة على النِّسَاء.
لما خرج الْمَأْمُون إِلَى فَم الصُّلْح لينقل بوران بنت الْحسن، إِذا جمَاعَة على الشط وَفِيهِمْ رجل يُنَادي بِأَعْلَى صَوته: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ نعم القَاضِي قَاضِي جبل جزاه الله عَنَّا أفضل مَا جزى أحدا من الْقُضَاة؛ فَهُوَ الْعَفِيف النَّظِيف، الناصح الجيب الْمَأْمُون الْغَيْب. وَكَانَ يحيى بن أَكْثَم يعرف قَاضِي جبل وَهُوَ ولاه وَأَشَارَ بِهِ. وَإِذا هُوَ القَاضِي نَفسه، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن هَذَا الَّذِي يُنَادي ويثني على القَاضِي هُوَ القَاضِي نَفسه. فاستضحك الْمَأْمُون واستطرفه وَأقرهُ على الْقَضَاء. وَقد كَانَ أهل جبل رفعوا عَلَيْهِ وَذكروا أَنه سَفِيه حَدِيد يعَض رُءُوس الْخُصُوم فَوَقع الْمَأْمُون: يشنق إِن شَاءَ الله. قَالَ بَعضهم: رَأَيْت امْرَأَة قدمت زَوجهَا إِلَى أبي جَعْفَر الْأَبْهَرِيّ الْمَالِكِي وَكَانَ قَضَاء المحول فَقَالَت لَهُ: أعزّك الله، هَذَا زَوجي لَيْسَ يمسكني كَمَا يجب، حَسبك أَنه مَا أَطْعمنِي لَحْمًا مُنْذُ أَنا مَعَه. قَالَ القَاضِي: مَا تَقول؟ قَالَ: أعز