وَقَالَ مُحَمَّد بن رَاشد: سَأَلَني إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي عَن رجل، فَقلت: يُسَاوِي فلسين. فَقَالَ: زِدْت فِي قِيمَته دِرْهَمَيْنِ. وَكتب إِلَى صديق لَهُ: لَو عرفت فضل الْحسن لتجنبت الْقَبِيح وَأَنا وَإِيَّاك كَمَا قَالَ زُهَيْر: رذي خطلٍ فِي القَوْل يحْسب أَنه ... مُصِيب، فَمَا يلمم بِهِ فَهُوَ قَائِله عبأت لَهُ حلمي، وأكرمت غَيره ... وأعرضت عَنهُ، وَهُوَ باد مقاتله وَمن إِحْسَان الله إِلَيْنَا، وإساءتك إِلَى نَفسك أَنا صفحنا عَمَّا أمكننا، وتناولت مَا أعجزك.
. لم يبْق لنا بعد هَذَا الْحَبْس شئ نمد أعينننا إِلَيْهِ إِلَّا الله، الَّذِي هُوَ الرَّجَاء قبله وَمَعَهُ وَبعده.
أما الصَّبْر فمصير كل ذِي مُصِيبَة، غير أَن الحازم يقد ذَلِك عِنْد اللوعة، طلبا للمثوبة، وَالْعَاجِز يُؤَخر ذَلِك إِلَى السلوة، فَيكون مغبوناً نصيب الصابرين وَلَو أَن الثَّوَاب الَّذِي جعل الله لنا على الصَّبْر كَانَ لنا على الْجزع لَكَانَ ذَلِك أثقل علينا، لِأَن جزع الْإِنْسَان قَلِيل، وَصَبره طَوِيل، وَالصَّبْر فِي أَوَان الْجزع أيسر مئونة من الْجزع بعد السلوة، وَمَعَ هَذَا فَإِن سبيلنا فِي أَنْفُسنَا على مَا ملكنا الله مِنْهَا أَلا نقُول وَلَا نَفْعل مَا كَانَ مسخطاً لله، فَأَما مَا يملكهُ الله من حسن عزاء النَّفس، فَلَا نملكه من أَنْفُسنَا. وَكتب إِلَى طَاهِر: زادك الله للحق قضاءاً، وللشكر أَدَاء. بَلغنِي رَسُول عَنْك مَا لم أزل أعرفهُ مِنْك، وَالله يمتعني بك، وَيحسن فِي ذَلِك عني جزاءك وَمَعَ ذَلِك فَإِنِّي أَظن أَنِّي علمتك الشوق، لِأَنِّي ذكرته لَك، فهيجته مِنْك. وَالسَّلَام.