وَقَالَ: قد ركبنَا الفاره وتبطنا الْحَسْنَاء، ولبسنا اللين، وأكلنا، الطّيب حَتَّى أجمناه، وَمَا أَنا الْيَوْم إِلَى شَيْء بأحوج مني إِلَى جليس يضع عني مئونة التحفظ. وَرُوِيَ عَن قحذمٍ قَالَ: فعل سُلَيْمَان فِي غداةٍ مَا لم يفعل عمر بن عبد الْعَزِيز، أطلق ثَمَانِينَ ألف أَسِير وَكتب أَن يبتتوا أَي: يزودوا، والبتات: الزَّاد.
كتب إِلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن الضَّحَّاك بن قيس يَسْتَأْذِنهُ فِي غلامٍ يهديه إِلَيْهِ، فَكتب إِلَيْهِ يزِيد: إِن كنت لَا بُد فَاعِلا فَلْيَكُن جميلاً ظريفاً لبيباً أديباً كَاتبا، فَقِيها حلواً، عَاقِلا أَمينا سرياً، يَقُول فَيحسن، ويحضر فيزين، ويغيب فَيُؤمن. فَكتب إِلَيْهِ: قد التمست صفة أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَلم أَجدهَا إِلَّا فِي الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَقد أَبى أَهله بَيْعه.
ذكر خَالِد بن صَفْوَان خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي عِنْد هِشَام، فَقَالَ هِشَام: إِن خَالِدا أدلَّ فأمل، وأوجف فأعجف، وَلم يتْرك لأوبة مرجعاً، وَلَا للصلح موضعا، وَإِنِّي لَكمَا قَالَ الشَّاعِر: إِذا انصرفت نَفسِي عَن الشيئ لم تكد ... إِلَيْهِ بِوَجْه آخر الدَّهْر تقبل نَهَضَ هِشَام عَن مَجْلِسه مرّة، فَسقط رِدَاؤُهُ عَن مَنْكِبه، فتناوله بعض جُلَسَائِهِ، ليَرُدهُ إِلَى مَوْضِعه، فَجَذَبَهُ هِشَام من يَده، وَقَالَ: مهلا إِنَّا لَا نتَّخذ جلساؤنا خولاً.