حِمَاره الَّذِي كَانَ يركبه من غُلَامه، وَأدْخل المطبخ وَذبح وطبخ لَحْمه بِمَاء وملح، وَقدم إِلَيْهِ وَهُوَ يظنّ أَنه لحم بقر فَأَكله كُله، فَلَمَّا خرج وَطلب الْحمار قيل لَهُ: قد أَكلته، وعوضه الْوَزير عَنهُ وَوَصله. وَسمعت من الصاحب - رَحمَه الله - حكايات عَجِيبَة من أكل هَذَا الرجل ونهمه، فَإِنَّهُ ذكر أَنه اقترح عَلَيْهِ وَهُوَ بِبَغْدَاد ألواناً من الجواذابات، قَالَ: فتقدمت باتخاذها والاستكثار مِنْهَا، وأنفذت إِلَيْهِ بِالْغَدَاةِ من يمنعهُ من الْأكل غلا أَن يحضر عِنْدِي، فَحَضَرَ فَأكل معي على الْمَائِدَة مَعَ الْقَوْم، حَتَّى استوفى. ثمَّ تفرد بِأَكْل الجوذاب الَّذِي اتخذ لَهُ، فَأكل ثَمَانِيَة ألوان مِنْهَا، حَتَّى مسح الأطباق الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا، فتعجبنا من ذَلِك! فَقَالَ الرَّسُول الَّذِي كنت أنفذته إِلَيْهِ: إِنَّه شكا فِي الطَّرِيق الْجُوع، وَامْتنع عَن الْمَجِيء إِلَى أَن صعد إِلَى دكان هراس، فَاشْترى هريسة كَثِيرَة فَأكلهَا. وحملت امْرَأَة فَحَلَفت: إِن ولدت غُلَاما لأشبعن أَبَا الْعَالِيَة خبيصاً. فَولدت غُلَاما فأطعمته، فَأكل سبع جفان، فَقيل لَهُ: إِنَّهَا حَلَفت أَن تشبعك خبيصاً، فَقَالَ: وَالله لَو علمت مَا شبعت إِلَى اللَّيْل. قَالَ بنان الطفيلي: إِذا دعَاك صديق لَك فَاقْعُدْ من يمنة الْبَيْت، فَإنَّك ترى كل مَا تحب، وتسودهم فِي كل شَيْء، وتسبقهم إِلَى كل خير، وَأَنت أول من يغسل يَده، والمنديل جَاف وَالْمَاء وَاسع، والخوان بَين يَديك يوضع، والنبيذ أول القنينة، ورأسها تشربه، والبقل منتخب يوضع بَين يَديك، وَتَكون أول من يتبخر، وَإِذا أردْت أَن تقوم لحَاجَة لم تحتج أَن تتخطاهم، وَأَنت فِي كل سرُور إِلَى أَن تَنْصَرِف. وَقَالَ بنان: إِذا قعدت على مائدة وَكَانَ موضعك ضيقا، فَقل للَّذي بجنبك: لعلّي ضيقت عَلَيْك، فَإِنَّهُ يتَأَخَّر إِلَى خلف، وَيَقُول: سُبْحَانَ الله، لَا وَالله يَا أخي موضعي وَاسع، فيتسع عَلَيْك مَوضِع رجل. وَقَالَ لَهُ رجل من الطفيليين: أوصني. فَقَالَ: لَا تصادفن من الطَّعَام شَيْئا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015