أترانا نَأْكُل دجاجتك ونبعث برأسك إِلَيْهِ؟ وَالله لَا يُوصل إِلَيْك حَتَّى يُوصل إليّ. فَقَالَ الْحَرِيش: وابنفسي دجَاجَة لم تخني ... وضعت لي نَفسِي مَكَان الأنوق فرّجت كربَة الْمنية عني ... بعد مَا كدت أَن أغص بريقي فِي أَبْيَات يمدح بهَا الْأَشْعَث. قَالَ عُثْمَان الدَّقِيق - وَكَانَ صوفياً -: رَأَيْت أَبَا الْعَبَّاس بن مَسْرُوق وَهُوَ أحد شُيُوخ الصُّوفِيَّة فِي يَوْم مطير على الجسر مشدود الْوسط، فَقلت لَهُ: يَا عمّ إِلَى أَيْن فِي هَذَا الْيَوْم المطير؟ فَقَالَ: إِلَيْك عني؛ فقد بَلغنِي أَن بالمأمونية رجلا يَقُول: لَيْسَ الباذنجان طيبا، أُرِيد أَن أمضي إِلَيْهِ وَأَقُول لَهُ: كذبت وأرجع. قَالَ أَعْرَابِي: رَأْي ورلاً يحارب حَيَّة، فغلبته وأكلته، وَهُوَ يحاربها بِذَنبِهِ، ثمَّ جَاءَ قنفذ، فَاجْتمع بعد أَن أَخذ ذنبها بِفِيهِ، ثمَّ جعل يأكلها حَتَّى أفناها، فَأخذت الْقُنْفُذ وشويته وأكلته، فَكنت قد أكلت الْقُنْفُذ والورل والحية. كَانَ أَحْمد بن أبي خَالِد وَزِير الْمَأْمُون شَرها، فَيُقَال: إِنَّه حِين انْصَرف دِينَار بن عبد الله من الْجَبَل والمأمون وَاجِد عَلَيْهِ، فَأَقَامَ بِالْمَدَائِنِ حَتَّى رحني عَنهُ وَوجه إِلَيْهِ أَحْمد بن أبي خَالِد، وَقَالَ: قل لَهُ فعلت كَذَا، وَأخذت كَذَا، فَمضى أَحْمد وَمَعَهُ يَاسر رجله، أرْسلهُ مَعَه الْمَأْمُون، وَقَالَ لَهُ: إِن تغذى عِنْده عمل مَا يُرِيد، وَإِن لم يتغد بلغ مَا أُرِيد، فَلَمَّا علم دِينَار بمجيئه، قَالَ لَو كَيْله: قل لَهُ حِين يخرج من الحراقة: قد فَرغْنَا من الطَّعَام فَهَل تخْتَار شَيْئا؟ فَقَالَ لَهُ ذَلِك، فَقَالَ لَهُ: نعم، فراريج كسكرية بِمَاء الرُّمَّان فَفعل ذَلِك وخبز لَهُ خبز المَاء، ثمَّ أعلمهُ بفراغه، فَقَالَ: هَات طَعَامك فَإِنِّي أجوع من كلب، فَأتى بِهِ فَأكل عشْرين فروجاً، وَوضع يَده فِي كل شَيْء، ثمَّ جئ بِخمْس سمكات بعد أَن شبع، فَأكل مِنْهَا أكل من لم يذقْ شَيْئا قبلهَا وَكَانَ أدّى رِسَالَة الْمَأْمُون قبل أكله، فَقَالَ دِينَار: مَا لكم عِنْدِي إِلَّا سَبْعَة آلَاف ألف دِرْهَم، مَا أعرف غَيرهَا، فَلَمَّا تغدى قَالَ لدينار: احْمِلْ مَا ضمنت لي. فَقَالَ: قد أَعدَدْت السِّتَّة آلَاف دِرْهَم. قَالَ لَهُ يَاسر رجله: إِنَّهَا سَبْعَة آلَاف ألف، وَكَذَا قلت: وَسمع أَبُو الْعَبَّاس ذَلِك وسمعناه، فَقَالَ أَحْمد: مَا أحفظ مَا كَانَ، وَلَكِن قل الْآن نسْمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015